مقدمة : الموارد البشرية هي مجموع الإمكانات والطاقات البشرية المتوفرة في مجال معين والتي يمكن تعبئتها لتحقيق التنمية في مختلف الميادين والقطاعات. وعلى هذا المستوى فإن المغرب يتوفر على موارد بشرية تتميز بأهميتها وبالتنوع.
فما هي وضعية الموارد البشرية في المغرب؟و ما هي أساليب تدبيرها؟.
عرض: عرفت ساكنة المغرب بين سنة 1960 و 2004 تطورا بوثيرة سريعة حيث انتقل عدد السكان من 11,6 مليون نسمة إلى 29,39 مليون نسمة ويعزى ذلك إلى التكاثر الطبيعي وتزايد معدل الخصوبة وانخفاض معدل الوفيات بـ5,5 في الألف أمام ارتفاع نسبة الولادات بمعدل 20 في الألف، لكن في السنوات الأخيرة تراجعت وتيرة النمو الديمغرافي حيث شرع المغاربة في تطبيق سياسة تحديد النسل تحت تأثير المشاكل الاجتماعية والأزمات الاقتصادية. زيادة على ما سبق فقد ظل سكان الأرياف يشكلون الأغلبية إلى حدود نهاية الثمانينات غير أنه منذ مطلع تسعينات القرن 20 انقلبت الوضعية حيث ارتفع عدد السكان الحضريين إلى 16464000 نسمة في حين تراجع عدد السكان القرويين ليصل إلى 13428 نسمة نسبة للهجرة القروية وارتفاع نسبة التكاثر الطبيعي بالمدن. من جهة أخرى فإن أهم الكثافات السكانية بالمناطق الشمالية الغربية وخاصة الواجهة الأطلسية في الوقت الذي تنخفض فيه بالمناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية، وذلك راجع للظروف التاريخية والطبيعية وكذا الاقتصادية. في الوقت عينه تتسم وضعية السكان النشيطين في المغرب بارتفاع نسبة الإناث مقارنة مع نسبة الذكور وعلى مستوى البنية العمرية فإن هذه الأخيرة تتميز باتساع قاعدة الفئات النشيطة القادرة على العمل ما بين 15 و59 سنة تليها فئة الصغار أٌقل من 15 سنة مقابل استمرار ضعف فئة الشيوخ أكثر من 60 سنة، مما يطرح مشكل إيجاد مناصب الشغل للفئة النشيطة .
هذا وقد عرف مؤشر التنمية البشرية تطورا خاصة من سنة 2001م وذلك بفعل التحسن المعيشي وإخراج المناطق عن عزلتها وأهمها المجال القروي، ويرتبط هذا المؤشر بثلاثة أبعاد وهي: معدل أمد الحياة ونسبة الأمية عند الكبار ثم الدخل الفردي، لكنه يظل متوسطا أمام ارتفاع نسبة الأمية خاصة في صفوف النساء بنسبة 55 في المائة وكذا انخفاض معدل الدخل الفردي. ويختلف مؤشر التنمية البشرية حسب الجهات سواء تعلق الأمر بالمجال الحضري أو القروي وذلك راجع إلى السياسة التي نهجتها الدولة بعد الاستقلال والتي ركزت على بالدرجة الأولى على الوسط الحضري مع إهمال الوسط القروي وتصنف الجهات إلى ثلاث وضعيات : متردية – متوسطة وجيدة، وعليه فإن اختلاف مؤشر التنمية البشرية بين الجهات المغربية يترتب عنه اللاتوازن على المستوى السوسيواقتصادي. من زاوية أخرى يظهر تطور مستوى التنمية البشرية في تطور عدد التلاميذ والطلبة إضافة إلى تزايد التأطير الطبي لكن لازالت هناك صعوبات تتعلق بالهدر المدرسي والخصاص في الأطباء والبنية التحتية، وعلى هذا الأساس جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمحاولة النهوض بهذه الأخيرة وهي مبادرة أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005 م، بغية تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التماسك والتكامل الاجتماعي والمجالي ومنافسة بين الجهات بهدف تحقيق التنمية المتكاملة وأهم ما يميز هذا المبادرة هو أنها "ليست مشروعا مرحليا ولا برنامجا ضرعيا عاديا إنما هي ورش مفتوح باستمرار" مقتطف من الخطاب الملكي السامي. وتقوم هذه المبادرة على محاور متعددة من أهمها التصدي للعجز الاجتماعي الذي تعرفه الأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصة، إلى جانب الاستجابة للحاجات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة أو لذوي الحاجات الخاصة، علاوة على تشجيع الأنشطة المنتجة للدخل القار و المدرة لفرص الشغل. هذا وترتكز أسس المقاربة المعتمدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الإصغاء والتشاور ونهج خطة فعالة بعيدة المدى مع رصد الاعتمادات المالية الكافية وحسن تدبيرها مع مراعاة التجديد والإبداع وتسهيل مساطر التنفيذ. في نفس الإطار فقد اعتمد على برامج أخرى لتنمية الموارد البشرية بالمغرب يأتي في مقدمتها المشروع النموذجي لمحاربة الفقر في الوسط الحضري الذي اعتمد على الشراكة بين الفاعلين المحليين في الدار البيضاء ، مراكش، طنجة، إلى جانب إستراتيجية 2020 للتنمية القروية وتضمن دعم البنية التحتية و الخدمات الأساسية ، و تنويع الأنشطة الاقتصادية ، و حماية البيئة، وأخيراً برنامج التنمية البشرية المستدامة و مكافحة الفقر والذي استهدف أقاليم الحوز و شيشاوة و الصويرة و شفشاون .
خاتمة : خلاصة القول يمكن تحديدها في أهمية وتباين التوزيع المجالي للموارد البشرية في المغرب، والتي تفرض تدبيرا رشيدا حتى لا تنتهي في آخر المطاف بخلل قد تكون نتائجه غير محمودة، غير أن المغرب يواجه صعوبات في تدبير الموارد البشرية ، لهذا نهج سياسة إعداد التراب الوطني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق